السلطات الحاكمة في دمشق تفتح أبواب التدخل في المرافق الاستراتيجية … من الحضن الإيراني الى التركي
السلطات الحاكمة في دمشق تفتح أبواب التدخل في المرافق الاستراتيجية … من الحضن الإيراني الى التركي
يثير تقرير تقييم المطارات السورية من قبل الخبراء الأتراك قضايا جوهرية حول تنازل السلطات الحاكمة في دمشق عن عناصر أساسية من السيادة الوطنية. فالسلطات نفسها تيسر تدخلاً خارجياً واسع النطاق في البنية التحتية والموارد السورية.
يظهر هذا التنازل في عدة مستويات استراتيجية. فعلى مستوى البنية التحتية، منحت السلطات في دمشق صلاحيات واسعة لتقييم وتحديد مصير منشآت حيوية مثل المطارات. أما على مستوى الموارد، فإن موافقتها على إعادة ترسيم الحدود البحرية وتحديد مسارات خطوط الغاز يشكل تفريطاً في ثروات وطنية استراتيجية.
تتجاوز هذه التنازلات المجال التقني لتصل إلى قضايا سيادية جوهرية. فالسماح بهذا المستوى من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية يؤسس لواقع جديد يصعب تغييره، خاصة مع غياب الضمانات القانونية والدستورية الواضحة.
إن هذا النمط من القرارات، الصادر عن السلطات في دمشق، يشير إلى تحول خطير في إدارة موارد ومقدرات البلاد. فبدل حماية السيادة الوطنية، تبدو السلطات وكأنها تيسر التدخل الخارجي وتمنحه شرعية رسمية، مما يستدعي مراجعة قانونية عاجلة لحماية المصالح الوطنية السورية.
ماذا وراء اللهفة التركية تجاه تقديم الخدمات إلى سوريا؟.. النفوذ التركي في سوريا: بين تقديم الخدمات وتنفيذ الأجندات
بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي هيئة تحرير الشام الحكم في مناطق واسعة من سوريا، تصاعدت اللهفة التركية لتقديم الخدمات والمساعدات لتلك المناطق.
هذا التحول أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء التحركات التركية، خاصة أن أنقرة كانت في السابق الداعم الرئيسي لهيئة تحرير الشام، التي استقرت على مقربة من الحدود التركية وتلقت دعماً عسكرياً كبيراً للإطاحة بالنظام السوري.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تسعى تركيا حقًا لإعادة إعمار سوريا واستقرارها، أم أن وراء هذه التحركات أطماعًا خفية تتعلق بالطاقة، والهيمنة السياسية، وتنفيذ أجندات استراتيجية؟
دوافع اللهفة التركية تجاه سوريا
منذ انهيار نظام الأسد، أصبح المشهد السوري فرصة لأنقرة لتوسيع نفوذها وتأمين مصالحها. يمكن تلخيص الدوافع التركية في النقاط التالية:
1. الهيمنة السياسية وتعزيز النفوذ
مع تولي هيئة تحرير الشام السيطرة في مناطق واسعة، رأت تركيا فرصة ذهبية لتعزيز نفوذها في سوريا.
من خلال تقديم الدعم الإنساني والخدمي، تسعى أنقرة إلى تقوية علاقتها مع السلطات الجديدة، مما يمنحها اليد العليا في صياغة المشهد السياسي السوري.
2. الطاقة والموارد الطبيعية
تركيا تنظر إلى المناطق الشمالية والشرقية من سوريا كجزء أساسي من استراتيجيتها الطاقوية. تلك المناطق تحتوي على احتياطيات هائلة من النفط والغاز، مما يجعلها هدفًا لأنقرة لتخفيف اعتمادها على مصادر الطاقة الخارجية، خاصة مع التحديات الاقتصادية الداخلية.
3. الأمن وتأمين الحدود
استقرار المناطق الحدودية التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام يخدم أهداف تركيا الأمنية.
وتعزيز النفوذ في هذه المناطق يتيح لأنقرة تحجيم خطر قوات قسد بحسب ادعائها وتأمين حدودها الجنوبية.
تكثيف زيارات الوفود التركية
الزيارات التركية المتكررة إلى سوريا، سواء من المسؤولين الحكوميين أو ممثلي المنظمات الإنسانية، تعكس رغبة تركيا في تعزيز تواجدها السياسي والاقتصادي.
فمن خلال تقديم الخدمات وإعادة الإعمار، تبني أنقرة علاقات وثيقة مع السلطات المحلية والجماعات المؤثرة.
انتقادات وتحديات
على الرغم من أن تركيا تُقدم نفسها كداعم للاستقرار في سوريا، إلا أن الكثيرين يرون أن هناك نوايا خفية وراء هذا الدعم.
يرى مراقبون أن تقديم الخدمات والبنية التحتية ليس سوى غطاء لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية طويلة الأمد.
بالإضافة إلى ذلك، يُحتمل أن تواجه تركيا صدامًا مع القوى الإقليمية والدولية التي تعارض الهيمنة التركية على المشهد السوري، مما يضع أنقرة في موقف حساس.
ختاماُ اللهفة التركية لتقديم الخدمات إلى سوريا تعكس مصالح استراتيجية تتجاوز الجانب الإنساني.
ومن الطاقة إلى السياسة والأمن، تتشابك الأهداف التركية في محاولة لتأمين نفوذ طويل الأمد في المنطقة.
ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي: هل ستتمكن تركيا من تحقيق هذه الأهداف دون تصعيد التوترات مع الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى؟
شارك الخبر على التواصل الاجتماعي :
إرسال التعليق