منطقة – مدينة ديرك – من كتاب ( الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ ) والذي هو قيد الإنجاز للمؤرخ برادوست ميتاني

منطقة – مدينة ديرك – من كتاب ( الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ ) والذي هو قيد الإنجاز للمؤرخ برادوست ميتاني

منطقة – مدينة ديرك – من كتاب ( الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ ) والذي هو قيد الإنجاز للمؤرخ برادوست ميتاني

منطقة الجزيرة -ح2

منطقة مدينة ديرك

الموقع الجغرافي

منطقة ديرك جزء من دشتا هسنا وتقع في أقصى زاوية شرقية من روزافا وسوريا. تحدها مدينة زاخو من جنوب كردستان في الشرق ومدينة جزيرابوتا من شمال كردستان في الشمال حيث نهر الدجلة و جنوباُ جبال بروج أي قرة جوخ وبريا شنكالى . غرباً تبعد عن كركى لكى 28كم و عن قامشلو 80 كم وعن الحسكة 190 كم بذلك يكون شكل خريطتها جغرافياً شبيه بمنقار البط ومعرف بذلك الاسم بالنسبة لوقوعها كمثلث بين أراضي العراق وتركيا وسوريا.

الاسم

ديركا حمكو اسم مركب من ديرك- حمكو .ديرك المأخوذ من دير عبادة  الذي يعود إلى التاريخ القديم حيث بناه الكرد الساسانيون للديانة الزردشتية الذي دمره تيمور لنك عام 1393م(1) واستمر كدار للعبادة حيث كان يؤومه المؤمنون من الكرد والسريان المسيحيين .كانت الكنيسة  القديمة في ديرك  تابعة لأبرشية بازبدى التي مركزها مدينة هزخ التابعة لجزيرة بوتان – حيث يؤكد ذلك أيضاً أ.لوند كاردوخي في كتابه منطقة ديرك ص79 وبعد اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية المشؤمة لعب التقسيم بأرضها الواحد مع الأم التي هي جزيرة بوتان الكردية إذ بعد  انهيار الدولة العثمانية 1918م تبعت لموصل في ظل الاحتلال البريطاني وفي 1920م تبعت للفرنسيين في سوريا المتشكلة حديثاً.

أما حمكو فهو رجل كردي أول من سكن هناك ونسبة إليه صار الاسم ديركا حمكو (2) وهو  الراعي الهسني العشيرة اسمه  حمو قبل قرابة 200 سنة  ولكننا نحن الكرد كثيراً من ندلع الاسم ونصغره فصار حمكو . تقول الحاجة وضحة رمضان حاجو كانت مناطق الرعي المحاطة بديرك حتى عين ديوار تحت سيطرة مصطفى باشا وكان وكيله عبد الكريم افندي (3). كما أن هناك آراء أخرى عن معنى الاسم وهي برأيي ضعيفة .منها دو ريك أي الطريقان

تاريخ المدينة

للكرد اثر قديم في منطقة ديرك يعود الى الكوتيين أكثر من 3000 سنة قبل الميلاد حيث جبل جودي وقبر النبي نوح (ع) في مدينة جزير في الشمال6000سنة قبل الميلاد والكاردوخ410 ق.م  حيث جزرتاي كاردو أي جزيرة بوتان وأما الخوريين الذين لهم أثر تاريخي هو مدينة اوزخينو الذي تقع اطلاله في الغرب من موقع ديرك الحالي على نهر صفين بالقرب من قرية كرى فرا  يعود تاريخهم إلى أكثر من 3500 ق.م كما أن مناطق ديرك تبعت فيما بعد  لأجدادنا الميديين 739-548 ق.م  والساسانيين لأكثر من أربعة قرون حتى 641 م وكذلك الأيوبيين  في القرن الحادي عشر الميلادي حيث برا بافت المستعربة إلى اسم الجسر الروماني في الشمال  وحتى اليوم عبر إمارة جزيرة بوتان لأكثر من ستة قرون وقبلهم إمارة المروانيين الكرد أيضاُ قبل أن يصيبها بلاء التقسيم الاستعماري بعد سايكس بيكو 1916م الذي فصل ديرك عن الأم جزيرة بوتان وآمد في شمال كردستان فتم فصل الطبيعة والأملاك والأهل حتى العائلة الكردية الواحدة عن بعضها.

نشوء ديرك

أول من سكنها هو السيد حمكو في 1821م ولظهور حمكو في ديرك قصة ألا وهي : لخلاف ما, زعل حمكو من أبيه الذي ينتمي إلى عائلة بهلو من عشيرة هسنا في قرية سلوكانا في الغرب من جزيرة بوتان التي كان أغلب سكانها من الايزيديين الموساسان وجاء إلى المنطقة حيث الأرض واحد لا حواجز حدودية سياسية مصطنعة حينها وسكن بجوار كانيا ماسيلى  النبع العسكري الحالي وكان له ثلاث أولاد موسى – عمر -محمد وما زال أحفاده  يعيشون في قرية كوندكى شيخى دين ومن ثم قدمت إلى ديرك عائلات أخرى منها حسين عبدالله -حسين عبدو -رمو موسى -رسول سلو وإسماعيل حسين الذي أصبح مختار المدينة وبسبب مجازر سيفو العثمانية بحق الأخوة الأرمن والسريان هاجر منهم وسكنوا ديرك ولاسيما من هزخ و  منطق طور(4)

أما بالنسبة للأرضي كانت حينها وبقرار من السلطان العثماني ملكياُ تعود للسيد مصطفى باشا كبير ميران الكوجر وذلك  بعد زوال إمارة بوتان البدرخانية 1847م وفيما بعد الحرب العالمية الأولى تحول القرار النافذ في منطقة ديرك لنجله نايف باشا وظلت هكذا حتى بعد دخول الفرنسيين إلى المنطقة وكذلك بالنسبة لجميع قرى دشتا هسنان حتى عام 1966 ومن ملاكين في مدينة ديرك رزقو أنطون -محمد حاجي حافظ -عبدالكريم افندي-سيد سليمان -عبدالله شعبان (5)

لعائلة عبدالغني أيضاً كملاكين للمدينة وجود ودور كبيرين في نشوء ديرك .من مواقفهم اجتماعية كالدور الكبير للمرحوم عبدالرحمن عبدالغني في القيام بوضع  مخطط للمدينة  وذلك بالتعاون بينه وبين الكنيسة كما أنه تبرع مع المرحوم حسين عبدو بجزء من أرضهم لبناء مقبرة جديدة للمسلمين في عام 1975ومن مواقفهم القومية أن جدهم الأكبر تمر آغا حارب جيوش العثمانيين وسياسة أتاتورك(6), ولتضامنهم مع شخصيات مسيحية وكردية من عشيرة هسنان جراء سياسة الولاة العثمانيين المتكبرة سعى العثمانيون الانتقام منهم  فأعدموا الأغا عمر تمر كبير عشيرة باتوا وتجمع شلد الكوجرية. بظهور تلك اللحمة بين المسيحيين والكرد في ديرك وخاصة لظهور المسيحيين فيها بداية قصة وهي تبدأ بطبيب طبيب مسيحي ألا هو المدعو جبو  الذي جاؤوا به من هزخ و قام بمداواة أحد وجهاء عشيرة هارونا في ديرك وهو السيد رسول  سلو الذي منحه  آراضي من ممتلكاته في ديرك كمكافأة له بعد  أن شفي على يديه فبذلك  كان المداوي جبو أو كبو أول الساكنين فيها من الأخوة المسيحيين الذي جاء بهم فيما بعد من هزخ واسكنهم في ديرك (7)

بعد ظهور الفرنسيين في المنطقة في عام 1923م تبعت القرية أي ديرك للمقر العسكري الفرنسي في كانيا ديوا أي عين ديوار المستعربة الاسم  وفي عام1928م الحقت بسوريا بدلا من جزيرة بوتان ومن ثم في 1933م صارت قرية ديركا حمكو بلدة حيث أنشئت فيها بلدية لأول مرة وفي 1936م تحولت إلى قائمقامية باسم قائمقامية دجلة وأول قائمقام لها كان الكردي شيخ رضا الكردي  وبنى الفرنسيون فيها الثكنة العسكرية وفي عام 1938م صارت مركز منطقة ونقل اليها مقر المستشار الفرنسي من عين ديوار بمرسوم 346 في 24 اذار 1957م .بقرار شوفيني تم تعريب اسم ديرك الى المالكية نسبة الى العقيد عدنان المالكي لأنه حينها كان أول مدير المنطقة ماجد المالكي وكان اخوه(8)..

قدم إلى ديرك في بداية الخمسينات من القرن العشرين السيد صبري يوسف سعيد ونجح في جمع أراضي واسعة في يده وهو سرياني وفيما بعد طلب من السريان وبذكاء ان يبيعهم فيها أراضيه بأثمان زهيدة لترغيبهم السكن في المدينة فنجح في ذلك حيث تشكلت بذلك من قبل الكنيسة لجنة برئاسة المختار كبرو الحكيم  ونتيجة لشراء الأراضي -مثلما يقول أ.بهجت أحمد – صار في عام 1954م ثلثي الأراضي ملكا للكنيسة والثلث الاخر كان ملكا للسيد قدري واخيه عبدالرحمن عبدالغني من عشيرة باتو الكوجرية وقد وقع هذان الطرفان بينهما اتفاقية بعدم بيع أي جزء من ممتلكاتهما لطرف اخر الا بعلم احدهما(9)

كما يوجد في المدينة عائلة جب من عشيرة هسنا وفيما بعد قدمت عائلات أخرى من عشائر كردية عديدة إلى المدينة وسكنتها.

السكان

فسيفساء سكاني اغلبية عظمى كردية وسريان واشوريون وارمن وكلدان مع بعض العرب الوافدين القلة ولكن اخذ في الآونة الأخيرة عدد السريان والاشوريين والارمن والكلدان يتناقص بشكل ملحوظ بالمقارنة مع عدد الكرد بسبب هجرتهم الى اوربا وامريكا وغيرها علماُ ان الكرد أيضا اخذوا بالهجرة وبصورة باتت مشكلة تخلف تغييراُ ديمغرافيا في فترة ما بعد احداث سوريا وثورة روزافا 1911م.

كانت ديرك في عام 1925 عشر بيوت و1931م 200 شخص .وفق احصاء الانتداب الفرنسي 1939م كان سكان ديرك 3033 نسمة منهم  1685كردي و44  نسمة عربي  فقط و 1204 من الكرد المسيحيين (10)  وذلك بالرغم من محاولات تعريب ديرك حينذاك ومن قبل وزير التربية الكردي الأصل محمد كرد علي الذي يلفت في رسالته المؤرخة في 18-تشرين الثاني 1931م  -كما ذكرنا في البحث السابق-لفت انتباه حكومة الجمهورية السورية إلى خطر الوجود الكردي حسب زعمه في المنطقة الحدودية وضرورة نقلهم إلى مناطق الداخل لسوريا خوفاُ على حد قوله من تشكيل الكرد لدولة كردستان . رأينا هنا في هذا الإحصاء أن الانتداب الفرنسي يحسب المسيحيين أيضاً كرد وهو حقيقة تاريخية دامغة لأننا رأينا فيما بعد في رسالة 1932م المرفوعة من وجهاء الجزيرة إلى الفرنسيين والرئيس السوري والتي تضمنت أسماء عديد من الوجهاء المسيحيين ورجال الدين المسيحيين يقولون نحن الآريين من القومية الكردية نطالب بجعل اللغة والموظفين في مناطقنا كرداُ وعدم جلب المكونات الأخرى من الداخل السوري .

حسب إحصاء الحكومة السورية 2004 كان عدد سكان المناطق التابعة لديرك 110855 ألف نسمة بما فيهم سكان المدينة البالغ عددهم 26311 بالطبع أن هذا الرقم مشكوك فيه وغير دقيق.بينما رئيس البلدية السيد جان قرياقس قال أنه في  م2009 كان سكان المدينة  89210 نسمة حسب قيد السجل المدني .وفق بيان من منظمة الأمم المتحدة عام 2020م يوجد في ديرك 21 الف عائلة (11)

في ص128 من كتابه عن ديرك يقول أ. لوند كاردوخي أن سكان منطقة ديرك 2004م كان191994 نسمة وهو أقرب إلى الحقيقة.

أما بالنسبة إلى القرى التابعة لمنطقة ديرك وفق التقسيمات الإدارية للحكومة السورية قبل التقسيم الإداري في العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية  ففي مناطق ديرك 80 قرية وجل أغا 54 قرية وتل كوجر 116 قرية وكركى لكى 72 قرية.(12)

دور الاحتلال الفرنسي في زرع الفتنة وإثارة المشاكل في منطقة ديرك

أشعل الفرنسيون عام 1940م  فتنة بين الأهالي المسلمين والمسيحيين , وبالتعاون مع بعض المسيحيين  الذين استولوا على “دبو” الذخيرة (مخزن الذخيرة)  وقتلوا الناس في الشوارع والبيوت , مما أدى إلى الهجرة الجماعية واللجوء إلى القرى المجاورة(13). كما انهم أي أولئك المسيحيون بالتعاون مع الفرنسيين انتقلوا إلى قرى أخرى مثل قزرجب و حناوية ,وقتلوا الأهالي وذلك قبيل رحيل الفرنسيين من جناح الفيشيين المتحالفين مع الالمان من البلاد وقدوم ما يسمى بجناح فرنسا الحرة المتحالف مع بريطانية  .

إزاء هذا العنف التعسفي قامت انتفاضة شعبية في قرية قزرجب وكان للمرحوم الشيخ براهيمى شيخى دين دور مشرف في الدفاع عن الاهالي في وجه الفرنسيين واولئك المتواطئين معهم من المحسوبين على اخواننا المسيحيين.

جراء ذلك تم اعتقال العديد من رجالات الكرد الغيارى أمثال السادة عبدالرحمن رسول آغا و اوسمان علي ورشيد طاهر واحمد آغا شوفي وقاسمى جب من ديرك وقراها وارسلوا إلى بيروت في لبنان 1940 وحكم عليهم الفرنسيون بالسجن ست سنوات.

ولم يهدأ الوضع إلا بعد مجيْ الجنرال البريطاني غلوب بطائرته من الاردن واللقاء مع وجهاء الكرد والمسيحيين في قرية تل جمان كان الشيخ نايف مصطفى باشا رئيس قبيلة ميران الكوجرية وكبير عائلة الشيخ ديرشوي وكبير عشيرة آباسا وغيرهم ضمن طرف الصلح الكردي وكذلك تم أجتماع آخر للصلح بين الطرفين في قرية قزرجب بمن فيهم عائلة الشيخ ابراهيم حقي وكبير عشيرة آباسا المرحوم حجي شيخى رشيدى أحمد جولو آغا.

في قرية حناوية اشتبك الأهالي مع القوات الفرنسية في معركة غير متكافئة قدمت القرية فيها شهداء كثيرين , منهم الشهيد رمو فقة كبير آل كورو 1941 من عشيرة بيدارا, بعدما أحرق الفرنسيين القرية ونهبوها .ثم تفرق أهلها الأكراد إلى أصقاع مختلفة , منهم من سكن  قرية گري رش” وآخرون سكنوا قرى عرعور أي عموقونو و گري ديرا

من المواقف الاجتماعية والوطنية  نذكر الحاج شيخي رشيد آغا جولو آغا : كبير عشيرة آباسا ,صاحب دور كبير في الحراك الشعبي الوطني ضد الفرنسيين في منطقة ديرك وهو عضو مؤسس للكتلة العشائرية الوطنية مع بعض رجال العرب واغوات كرد أخرين . له نشاط في حماية الكرد منها عندما أسر قافلة روغان القادمة من عين ديوار في قرية كرزيارتى أباسا حتى قبيل الفجر بسبب اعتقال بعض الشباب الكرد في ديرك ولم يفك الحصار حتى الاتفاق على اطلاق سراحهم وكذلك خلال حادثة دبو في ديرك بالتنسيق مع الشخصية الوطنية حميد بك الذي كان ضابط شرطة في ديرك وهو من أصول كردية وذلك قبل أن يستشهد في تلك الحادثة ومع الاسف على يد بعض المسيحيين المتعاونين مع الاحتلال الفرنسي.1941م كما أن الحجي شيخي رشيد لم يوافق على الصلح في اجتماع قزرجب لأن الفرنسيين لم يعلنوا عن قاتل الشرطي حميد بك وفي حادثة مقتل جنديين فرنسيين في منطقة آباسا بقرية مصطفاوية أتهم الفرنسيون شيخي رشيد آغا بالتنسيق في قتل الجنديين وكذلك قيادة الهجوم على الميليشيات التابعة لفرنسا في قرية حياكة وقد اجتمعت كل الاسباب معاً لدى الفرنسيين بالقبض عليه وسجنه لمدة عامين ونصف في مدينة دير الزور. لم يتم الأفراج عنه إلا بوساطة من الشيخ مجحم بن مهيد شيخ قبيلة عنزة في الرقة و دير الزور و كذلك عائلة حسين أفندي الكردية الأصل.

ومن شخصيات تلك العشيرة أي آباسا السيدان حاجي محمود أغا عليوي و عيسى آغا محمد اللذان تم القاء القبض عليهما لنفس الاسباب الوطنية تلك وأخذهما إلى بيروت والزج بهما في سجن الرومي, حيث استشهد عيسى تحت التعذيب فيما بعد أما حاجي محمود آغا تم بمساعد من الأمير كاميران بدرخان والذي كان مقيماً في بيروت. آنذاك بالإفراج عنه(14).

لا يخفى على أحد بأن الأنظمة البعثية المتعاقبة على الحكم في سوريا أيضاُ لعبت كثيراُ في إثارة الفتنة بين الأهالي الكرد والسريان في منطقة ديرك كما أنها ألبت الأخوة العرب في المنطقة ضد الكرد

قرية كهنيا ديوا (عين ديوار)

–قبل وصول الفرنسيين لم تكن عين ديوار غير قرية كردية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثين. في 1926 شيد الفرنسيون فيها ابنية إدارية سكانها من الكرد والسريان والارمن  .بعد فترة ليست طويلة تحولت الى بلدة صغيرة فيها طبيب ومكتب بريد ومدرسة وسوق ومقهى ومسرح  وكانت ديريك قرية صغيرة تابعة لها ولكن بسبب قرب الثكنات العسكرية كانت اكثر حيوية ونشاطا من عين ديوار. كان طبيب عين ديوار  محمد نافذ شقيق نورالدين زازا .كان رئيس البلدية في عين ديوار هو الكردي عبدالكريم ملا صادق يملك عشرين قرية في ضواحي عين ديوار كان رجلا ذكيا ومثقفا كريما .تعرف د.نافذ فيها على مستشار له وهو الملازم الأول الكورسيكي الفرنسي اعتنى برسالة فرنسا الإنسانية  .ساعد د.نافذ  الأهالي في علاجهم من امراض  السفلس والملاريا والتراخوما و منحهم الادوية وقد أدى ذلك الى اختفاء السفلس من القرى الكردية .ذات يوم طلب الشاب مصطفى البوطي السماح بفتح مدرسة لتعليم اللغة الكردية بدأت الفكرة طبيعية للملازم الأول الذي لم يلجأ إلى استشارة المفوضية العليا في بيروت بل اعطى الضوء الأخضر على الفور وبدأ مصطفى البوطي بحماس بالعمل ولكن بعد شهر جاء القرار من بيروت سلبيا بأن الالتزامات التي قطعتها فرنسا لدول الشرق الأوسط تمنعها من ان تلقي نفسها في مثل هذه المغامرات فاعتذر الملازم لمصطفى البوطي وعيناه مغرورقتان بالدموع وهو يصيح هذا غريب انه شيء لا يصدق كيف يمكن ان ترفض حكومتي تمتع كورد سوريا بحق بسيط وطبيعي وهو حق القراءة والتعلم بلغتهم .بعد هذا الحادث شعر مصطفى البوطي بالغيظ والاهانة فغادر المنطقة إلى شرقي كردستان قي ايران وعمل أماماً للمسجد.

جاء أحمد آغا احد الوجهاء الكرد من زعماء قبيلة  الآشيتيين في منطقة قامشلي  إلى د.نافذ الذي حينذاك كان يهتم كثيرا بلغته الام الكردية ويحث الكرد على استخدامها وممارستها في حياتهم واخذ ذلك الشخص يتحدث معه باللغة العربية وبصورة ركيكة -على مايبدو كان لايعرف أنه كردي – وكان يرتدي الزي العربي مثل شيوخ العرب حيث كان يلبس دشداشة دويلة وعباءة ويحمل سيفاً فضياً طويلاً. فقال له د.نافذ تكلم باللغة الكردية. فرد عليه ذلك الكردي :هل هناك أطباء كرد في هذا العالم فقال د.نافذ بالتأكيد فأنا واحد منهم. فقال الرجل -على ما يبدو فرحاً – إذاً إنها هبة من الله لنا. ظل د.نافذ في عين ديوار حتى 1935م ثم انتقل إلى قامشلي بصفته طبيب حكومي حتى 1937م وفتح فيها مستقراً عيادة خاصة(15).

بذلك كانت كانيا ديوا أي عين ديوار هي المركز الحكومي قبل ديرك وقد تناولنا ذلك فيما سبق وأغنية عنديور بايتختة تؤكد ذلك أي عين ديوار هي العاصمة.

بعض المعالم الجغرافية والتاريخية والإجتماعية في منطقة ديرك

برا بافت (الجسر الروماني)- قسروك – خانا سرى –شكفتا زمبيل فروش – المدينة الأثرية على سفح جبل بروج(قرة جوخ) – قصر مامشور الأثري  –أثار ديرونا آغي (قلعتها  – كافلى داسينو – خانها-حجرة حجي محمى-قبة شيخ يحي السيبكي ) مزار شيخي دين في كندكى شيخى دين – قرية شيوخ آل ديرشوي – مشايخى دحلى – لوند   مني : كجكا جل كزي على جبل بروج أي قرةجوخ وكذلك قبر نايف باشا هناك.

والسياحية: سويديك –حياكا- جم شرف-جاروديي- ديرناقلنكا – نوالا حليق –تليا كر عند موساكورا- مزكفت .اماكن التنزه واحتفالات نوروز- نهر دجلة – جسر سيمالكا – عين ديوار – كرى ديرا – جبل كندك – سد بورزي –سد زخيرى – سد جل اغا – كانيه رش منطقة اليان – ال قوس – احجار كفري دنا – صخرة سلحفاة في قرية شركى – آشي سبي فوق كيشكي .

مزارات : قبة عليي شير شمال ديرك – كندكى سيد في منطقة تربة سبي – مقبرة حلوة الشيخ .

معالم جغرافية واثار تاريخية هامة في منطقة ديريك :دار الحكومة (السرايا)- الثكنة العسكرية الفرنسية – القشلة الفرنسية – الكنيسة القديمة –  قصة مادة “نيرون” بالدير القديم – الجامع القديم – نبع العسكرى  – شجرة البلوط في سفح مرتفع او جبل قرية كندك – كنيسة السيدة العذراء .

بعض التلال والاثار في منطقة ديريك :تل جمان – تلتين في دوكركا – تل كركي لكي – تل فيزو – تل قرية حليق – تل قرية خانا سرى – تل سويدية – تل قرية كربالات – تل قرية توكل – تل قرية قصروك – تل قرية كر زيارات اباسا – تل قرية عرعورى كورمانجا – تل قرية كرى ديرا – غابة شجيرات القزك – مرصد خانيك الفرنسي – قرية على بدران (الثالوث المقدس ) – تلة عيشا شيبانى او المعروفة بتلة عيشا ملا – جسر قرية شكر خاج – جوا جولو (نهر جولو) في قرية بانوكيه(16)

-محاولات التغيير الديمغرافي

كما رأينا أن معظم أسماء المعالم الطبيعية والبشرية باللغة الكردية وهذ ما لا يروق للعنصريين والشوفينيين لذا دأبت الأنظمة العروبية على محو الثقافة والشخصية الكرديتين وخاصة المعالم الطبيعية وأسماء الأشخاص والفلوكلور والتراث والثقافة وقد شاهدت بغضاً منها  بأم عيني  وببرامج مخططة ويافطات معلقة في المدينة  باسم الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وفي عهد أبنه الرئيس السوري السابق بشار الأسد وقد  كتبت عليها تمكين اللغة العربية واعادة المنطقة هويتها الثقافية الطبيعية القديمة  ,علماُ أن هوية الثقافة القديمة في منطقة ديرك هي الكردية والسريانية والشيء الخطير في ذلك هو السيطرة على الأراضي الكردية ومنحها لقادمين من قبل تلك الأنظمة والتي ظهرت  فيها الفكرة الأولى للتغيير الديمغرافي الكردي كان في عهد وزير التربية ورئيس المجمع العربي الشخص  الكردي محمد كرد علي  عام 1931م كما اسلفنا ومن ثم التنفيذ في عهد الرئيس جمال عبد الناصر 1958-1961م حيث بناء المستوطنات ,لهذ  نقل سكان عرب وغيرهم من غير الكرد والسريان من مناطق الداخل إلى ديرك وريفها لإضعاف نسبة الكرد والسريان ومازالت قرية زهيرية وغيرها شاهدت على ذلك وكذلك في عهد الرئيس السوري حافظ الأسد :

الحزام العربي

لقد تم هذا المشروع الظالم بشكل رئيسي على مرحلتين:

-المرحلة الأولى التجريبية بدأت من عام 1959م حتى عام 1963م زمن جمال عبد الناصر كما ذكرتا آنفاً  وبعيده وهي عشرة قرى قديمة جلب إليها المستوطنين من محافظات درعا السويداء,حماة وأدلب .

-المرحلة الثانية الكبرى 1974 م -1975 م : المغمورون 1974م هو لفظ يطلق على سكان وادي الفرات الذين جاء بهم النظام إلى المناطق الكردية لإضعاف الوجود الكردي على أرضهم وتغيير الوضع الديمغرافي لهم بحجة أن أراضيهم غمرت بمياه بحيرة سد الفرات عام 1974م.  بدأ تنفيذ المشروع في 24 حزيران 1974 حيث وصل عدد المستوطنات التي تم إعدادها إلى 39 مستوطنة نموذجية مدججة بالسلاح ومزودة بالماء والمدارس والكهرباء وكل المستلزمات الخدمية فمنها تم إنشاء 12 مستوطنة في منطقة ديرك و12 مستوطنة في منطقة قامشلو  و15 مستوطنة في سرى كانيى وبلغت المساحات المسلمة لهم حوالي 3000000 دونم في محافظة الحسكة استفادت منها حوالي 4500 عائلة عربية . ما جرى أنه بعد أن أنهى الفلاحون الكرد اصلاحها سلبها النظام السوري منهم وتم منح قسم منها للمغمورين تحت بند سد النقص فيما استولى ضباط يتبعون للنظام السوري على القسم الآخر وكان كثير هذه العمليات تجري بأوامر مباشرة من مسؤولين عسكريين يتبعون للفروع الأمنية وأغلبهم لم يكونوا من أبناء محافظة الحسكة واستولى ضباط على مساحات واسعة من أراضي زراعية كان قد تم إصلاحها من قبل فلاحين كرد في مناطق ديرك وتربةسبيى وتم احتسابها ضمن أراضي ممنوحة للمغمورين خلال عام 1982م استولى عرب مغمورون بالتنسيق مع ضباط من النظام السوري على أراضي زراعية تم اصلاحها في قريتي جيلكا وسرمساخ وقام النظام السوري باعتقال عدد من أبناء القرية الذين رفضوا الموافقة والتوقيع على تسليم تلك الأراضي وكما حدث فيما بعد مع قرية كيشكى وغيرها وقدرت الأسر الكردية المتضررة من عملية الإستيلاء الثانية 155 عائلة في منطقة آليان وديرك وكانت كل أسرة منها تملك نحو 30 دونم قامت باستصلاحها وفق القانون الصادر عن النظام السوري مرسوم 346 بتاريخ 24 اذار 1957 وقد تم تعريب 128 قرية كردية في منطقة ديرك.  بالرغم من ذلك بقي السكان الأصليين من سكان ديرك في قيد النفوس 2009م 89210 نسمة  عام 2020 21000 عائلة دون النازحين.

عدد المستوطنات كما قلنا آنفاً 39 منها في منطقة  ديريك :  12 مستوطنة ( قرى الغمر ) موزعة على ( 920 ) وحدة ، واسماؤها بما فيها التابعة لكركى لكى وجلاغا وتربةسبيى : ماشوق (معشوق)  –  كري فرا (تل الصدق) –  توكل  –  كيشك الحمرا  –  بانه قسر(عين الخضراء ) –  مصطفاوية  –  كورتبان( تل أعور)-شبك -تل علو -تل علو2-جلاغا (الجوادية) -كركى سلمى( الصحية) 0

الشيء بالشيء يذكر هنا : أنه  في اتفاقية سيفر 1920م كانت أورفا وماردين ونصيبين وجزيرة بوتان تتبع للجزيرة قي سوريا وفي اتفاقية ترسيم الحدود من جديد في أنقرة 20 تشرين الأول 1921م تنازلت فرنسا عن أورفا وماردين وجزيرة بوتان وغازي عنتاب لتركيا يبين من خريطة فرنسا السكانية عن الجزيرة وجود 11 عشيرة كردية من 14 عشيرة موجودة على حدود سوريا تركيا من الشرق حتى سرى كانيي  منها واحدة شيشانية وانتان عربيتان هم الطي والحرب الصغيرة العدد .عدد قرى العشائر الكردية 509 قرية 430355 نسمة والعشيرتين العربيتين 117 قرية منها 14 للحرب و103 قرية للطي 80630 نسمة منها 1580 نسمة حرب 7050 نسمة طي وذلك 1940م(17).

مجزرة وحشية تركية على جبل بروج أي قرة جوخ

استفاق فجر 25 – 4- 2017 سكان المناطق القريبة بل حتى التي تبعد اكثر من عشر كيلومترات من الجبل على أصوات الانفجارات الهمجية الناتجة عن هجوم الطائرات التركية المنطلقة من شمال كردستان عددها 26 مقاتلة مركز الاعلام وإذاعة صوت روزافا مؤسسات منها مطبعة وأخرى تخدم وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المراة كان نتيجتها الخراب والدمار وطمر الأجساد الطاهرة تحت الأنقاض واسفر ذلك عن 20 شهيدا وجرح 18 اخرين

كما أن النظام التركي اعتدى مراراُ على برا بافت وحاول تحويل مياه دجلة إلى الجهة الجنوبية منه لضمه واحتلاله وانسلاخه من روزافا وسوريا وكثيراُ ما كان يطلق الرصاص الحي على الأهالي في متنزه الجسر وقرية كانيا ديوا (عين ديوار) وقد شاهد ت ذلك بأم عيني وبالرغم من ذلك فشل النظام التركي في ضم الجسر وذلك بفضل مقاومة الأهالي ودور الإدارة الذاتية.

 

المراجع:

1- ديرك -ألمؤرخ بهجت أحمد _ص3

2- في حوار منشور في مجلة هركول 2013م اجراه أ. محمد رشيد بافي سوبار مع السيدة وسيلة حفيدة حمكو المذكور من قبل أ.لوند  كاردوخي في كتابه منطقة ديرك ص 66و67 )

3-كتاب منطقة ديرك – ص91 للأستاذ لوند محمد (لوند كاردوخي)

4- مقالة للأستاذ بهجت أحمد في صفحة ديرك المحبة بتاريخ 17 يونيو 2025م

5-منطقة ديرك أ.لوند كاردوخي  -ص90

6- مقالة للأستاذ بهجت أحمد في صفحة ديرك المحبة بتاريخ 17 يونيو 2025م

7- رواية ثوار الجزيرة للكاتبة روناك مراد -ج1-ص 12وص14

8- منطقة ديرك أ.لوند كاردوخي  – ص82 وص 88

9- – ديرك -المؤرخ بهجت أحمد -ص10

10- منطقة ديرك أ.لوند كاردوخي  ص105

11- المصدر السابق ص105

12- المصدر السابق ص129

13-   سيرة حياتي للأديب الكردي سيداي جگرخوين , وبعض أقوال للضابط الفرنسي هوتز نجر .

14- ما قاله لي أ.دارا شيخى

15- كتاب حياتي الكردية –نورالدين زازا – ترجمة روني محمد دملي-ص57و58و60 و61

16- منطقة ديرك أ.لوند كاردوخي – ص163 و137 بالإضافة إلى معلوماتي الخاصة

17- المصدر السابق ص 39 و46 و48 و107 و108

27-6-2025م.7-4-2637كردي

شارك الخبر على التواصل الاجتماعي :

إرسال التعليق

ربما تكون قد فاتتك

error: يمكنك فقط مشاركة الخبر VEDENG