إدلب: تاريخ الوجود الكردي في المدينة (من المعبد اليزداني إلى الحاضر) بقلم المؤرخ برادوست ميتاني
إدلب: تاريخ الوجود الكردي في المدينة (من المعبد اليزداني إلى الحاضر) بقلم المؤرخ برادوست ميتاني
برادوست ميتاني
الكرد في إدلب ح (1)
من سلسلة بحثي في الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ والذي هو عنوان لكتاب قيد الانجاز بين يدي
– الاسم : دلبين
إدلب تجمع سكاني قديم حيث كانت في البدء قرية صغيرة وتوسعت كبقية القرى والمدن اسمها يتصل بالعبادات الممارسة من داخل معبد ديني وبما أن المنطقة كانت تشهد عبادة ألهة يتبلور الإيمان بها في توسع فكري عقائدي فقد شهد ت كما في عفرين ومناطق كردستان الأخرى عبادة مشتركة ألا وهي العبادة للإله ميترا وكذلك زرادشت وبالدرجة الكبرى للإله أيزي لذا فأن هوية المجتمع الديني كانت توحي إلى تمازج ثقافي من أسلاف الكرد وخاصة من الخوريين .لذا فأن المعبد كان يزداني واسمه دللبين وربما أن شرائح من الناس في المنطقة كانت تعبد آلهة أخرى كالإله هدد أو إدد لذا يقوم بعض الأقلام بتفسير اسم إدلب على أنه مأخوذ من كلمتين إدد- لب (قلب إدد أو صميم إدد أو هدد أو حدد) وللذكر نقول أن اسم لب في اللغة الكردية يتعلق بالقلب والحب والعظمة وللتأكيد على هذا عندما يرد شخص على آخر بحب وإحترام يقول : ها لبى ولا نستبعد ذلك لأن المكتشفات الأثرية في المنطقة تظهر الكتابة واللغة الخورية بشكل غالب ,لذا الٌأقرب إلى الحقيقة هو أن اسم إدلب مأخوذ عن اسم المعبد اليزداني الكردي الأقدم دلبين حيث أن اسم المدينة قديماً أيضاً كان دلبين وفي اللغة الكردية بشكل صريح فأن اسم دل يعني قلب وكلمة بين تعني الرؤية فبذلك دلبين: تعني القلب الرائي أو الشاهد وذلك لأن القلب يرى المعبود ويؤمن به قبل العين . في فترات متلاحقة أخرى تم هدم وتحويل هذا المعبد اليزداني التاريخي إلى بناء كنسي مسيحي مع بقائه على اسمه القديم باسم كنيسة أو دير دلبين لأن الأهل رفضوا التخلي عن الإسم .
بعد مجيء الإسلام والسيطرة على المنطقة قاموا بتحوير اسم الدير إلى (دير – لب) ومن ثم تحويل الكنسية إلى مسجد باسم “المسجد العمري نسبة إلى اسم الخليفة عمر بن الخطاب الذي في عهد صارت معظم المنطقة اسلامية
-من تاريخ إدلب
أن التاريخ القديم لمدينة إدلب بالنسبة للوجود الكردي الذي لولا التعريب والتغيير الديمغرافي الفظيع في العصر الحديث فأنه لا يختلف كثيراً عن تاريخ منطقة روزافايى كردستان وخاصة مدينة عفرين اللتان تشكلان معاً أراضي الدولة (الخورية) الهورية، فهما يضمان العديد من أثارها الكردية وأن المكتشفات الأثرية في المجرى السفلي لنهر العاصي تشهد على ذلك وأن اللغة الخورية كانت هي السائدة وللدور الخوري حملت سوريا في التاريخ اسم بلاد خورو أو بلاد سورو نسبة إلى الخوريين حيث هنا الحرف (و) هو لاحقة خاصة بالأسماء الكردية وبذلك فأن اسم سوريا الحالي مأخوذ منها أي من خور ويعني الشمس , كما أن منطقة إدلب تعد امتداد طبيعي وبشري عن عفرين- التي كانت تعرف منطقتها خلال الدولتين الزنكية والأيوبية بدولة الأكراد- نحو الجنوب الغربي قليلاً وقد عاصرت منطقة إدلب في الفترات التالية للخوريين قيام الإمبراطوريات القديمة التي تشكل أسلاف الكرد الحاليين كالكاشيين والهيتييت الذين حرروا حلب من البابليين وكذلك شهدت المنطقة حكم الدولة الميتانية وبالأخص خلال إمارة آلالاخ وكذلك الميديين عنما حملت سوريا اسم سورميديا
تعاقبت في فترات متقطعة دول أخرى في المنطقة كالأكاديين والآشوريين واليونانيين ووالرومان و العثمانيين ولكن كان المعزز للوجود الكردي في مناطقهم هو قيام الدولة الساسانية الكردية في إيران وكردستان في بداية القرن الثالث الميلادي حتى مجي الاسلام في عام 639م وامتداد تلك الدولة إلى إدلب بالإضافة إلى الدولة الأيوبية وخاصة في عهد بانيها صلاح الدين الأيوبي الذي أعتمد يصورة شاهدة للعيان على الكرد في تلك المنطقة عام 1174م وذلك لكبح جماح الغزوات الصليبية وردها قبل تحرير وكذلك إمارة كلس الجانبولاتية الكردية التي دامت قرابة أربعة قرون وظلت حتى عام 1607م وما لها من تأثير قومي على الكرد في المنطقة وخاصة ما يليها من الجنوب أي إدلب قدس وكذلك في عهد إبراهيم باشا بن محمد علي باشا الكردي الأصل الذي حرر سوريا منتصراً على القوات العثمانية من 1831-1841م من ضمنها انتصاراته على العثمانيين في إدلب والانتقال منها إلى شمال كردستان وصولاً إلى مدينة قونيا , نضيف إلى ذلك انتقال الكرد إليها من عفرين ,كوبانى وحلب وغيرها
-موقع إدلب
تقع إدلب إلى جهة الجنوب الغرب من مدينة حلب وتبعد عنها بنفس المسافة التي تعبد عفرين عن حلب وهي 60 كم. وعدد سكانها تعدى 166 الف نسمة قبل إلأحداث السورية 2011 عام ويشغلها في القسم الغربي سهل روج ونهر العاصي في أقصى غربي المدينة الذي يحمل في اللغة الكردية اسم جمى آصي أي النهر الصعب كونه يتجه من الجنوب إلى الشمال) ويصب في سهل أمك (العمق بعد التعريب )
-تحول إدلب من قرية إلى مدينة
كانت إدلب في البداية تتكون من محلتين هما المحلة الكبرى وهي المنطقة الشمالية من المدينة، والمحلة الصغرى وهي الجنوبية، واضمتا فيما بعد إلى بعضهما البعض وأصبحت كتلة واحدة. فأن إدلب الحديثة الحالية هي مكان إدلب الصغرى حيث اندثرت ادلب الكبرى منذ مطلع القرن السابع عشر وكانت تقع شمالي إدلب الحالية بحوالي /1/ كم. وهذا ما أكده الزبيدي في كتابه ” تاج العروس من جواهر القاموس والعديد من المصادر تعيد تاريخ بناء مدينة إدلب إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
كانت قرية إدلب في البداية تتبع مدينة سرمين ، ثم بدأت أهميتها لأسباب إستراتيجية، بالظهور فاهتم بها الصدر الأعظم محمد باشا الكوبرلي (1583-1661) وذلك في ظل حكم الدولة العثمانية حيث جعل مواردها وقفاً للدولة على الحرمين الشريفين وأعفاها من الرسوم والضرائب، وأقام فيها مبانٍ باقية إلى اليوم فقصدها الناس من جسر الشغورذات الغالبية الكردية وسرمين والقرى المجاورة، فاتسعت وإزدهرت على حساب إدلب الكبرى التي طوي مع الزمن ذكرها.
نظم “محمد باشا الكوبرلي” مدينة إدلب وفق مخطط عمراني اختاره بنفسه فبنى فيها الخانات “كخان الشحادين” و”خان الرز” ونظم أسواقها فجعل لكل حرفة فيها سوقاً خاصة، ورصف شوارعها بالحجر. ويتألف المخطط العام للمدينة من نواة بيضوية قديمة مكتظة بالسكان، وأحياء جديدة تنتشر حلقات حول النواة وتخترقها شوارع عريضة مستقيمة ومنتظمة. وفي عام 1958م تحولت إدلب إلى مركز محافظة أثر زيارة جمال عبد الناصر لها بصفة رئيس دولة آنذاك، وبناء على طلب أهلها ألغى تبعيتها الإدارية لمدينة حلب وأعلنها محافظة جديدة.
يتبع……
-المراجع
-مقالة هل يمكن تعريب هوية إدلب الكردية؟- للأستاذ بيار روباري – صوت كردستان- 21/09/ https://sotkurdistan.net- 2021
-محافظة إدلب –ويكيبيديا الموسوعة الحرة-https://ar.wikipedia.org-
-جبل الكرد –عفرين عبر العصور –الأستاذ مروان بركات
-أ. موسى عثمان يوتيوب أ.المحامي علي كولو 13 آذار 2023م وفيديويات أخرى على نفس اليوتيوب.
– الزبيدي – كتاب تاج العروس من جواهر القاموس
شارك الخبر على التواصل الاجتماعي :
إرسال التعليق