على خُطى الماضي: سوريا تشهد نسخة جديدة من سيناريو قديم
على خُطى الماضي: سوريا تشهد نسخة جديدة من سيناريو قديم
في مشهد يبدو كأنه مستل من صفحات التاريخ السوري، تتكشف في سوريا ظاهرة سياسية تعيد إلى الأذهان حقبة الثمانينيات، حيث تتشابه الممارسات وتتكرر الأنماط، وإن اختلفت الوجوه والشعارات.
“كأننا نشاهد فيلماً قديماً بنسخة حديثة،” هكذا يوصف المشهد الراهن في سوريا: “التكتيكات هي ذاتها: مسيرات ‘عفوية’، هتافات مُعلبة، وترهيب للمعارضين.”
المظاهرات “العفوية” وصناعة الشرعية
تبرز المقارنة جلياً في تنظيم المظاهرات “العفوية” المؤيدة للسلطة. فكما شهد عهد حافظ الأسد مسيرات ضخمة منظمة من قبل أجهزة الدولة، يشهد عهد الشرع مظاهرات مماثلة تصوره “رمزاً للتحرير والاستقرار”.
وفي كلتا الحالتين, تعمل هذه المظاهرات كأداة لفرض الولاء السياسي وإظهار السيطرة.
يقول ناشط مدني (فضل عدم الكشف عن هويته): “الآلية واحدة – حشد، تنظيم، تصوير، ثم بث. المختلف فقط هو المحتوى والشعارات.”
قمع المعارضة وثقافة الترهيب
يتجلى التشابه أيضاً في التعامل مع المعارضة. فكما واجه نظام الأسد المعارضين بالقمع العنيف، تواجه أصوات المعارضة اليوم اتهامات بالخيانة والتشكيك في وطنيتها، خاصة المطالبين بالدولة المدنية.
شبكات المصالح والموالاة
برزت في كلا العهدين طبقة من المستفيدين الذين يدافعون عن النظام القائم. وإن اختلفت الوسائل – من الإعلام التقليدي إلى منصات التواصل الاجتماعي – فإن الهدف واحد: ترسيخ شرعية السلطة القائمة وتبرير ممارساتها
صناعة الولاء: النموذج يتكرر
نحن أمام نمط متكرر من صناعة الولاء السياسي. في السابق، كان النظام يخلق طبقة من المستفيدين، واليوم نرى نفس النهج مع اختلاف المسميات والأدوات.”
المعارضون: بين الأمس واليوم
“الفرق الوحيد هو أن معارضي اليوم يواجهون تهماً مختلفة،” يقول محلل سياسي مستقل. “بالأمس كانت التهمة خيانة الوطن، واليوم أصبحت معاداة الدين والثورة. لكن النتيجة واحدة: الإقصاء والترهيب.”
سياسة الانتظار: خدعة تتكرر
محلل نفسي يشير إلى ظاهرة لافتة: “المجتمع يلجأ مجدداً إلى سياسة الانتظار والترقب، تماماً كما فعل في الماضي, إنها آلية دفاع نفسي جماعية تؤدي إلى استمرار الوضع القائم.”
الطبقة المستفيدة: وجوه جديدة، دور قديم
اقتصادي متخصص يشرح: “كما نشأت طبقة من المستفيدين في عهد الأسد، نرى اليوم طبقة جديدة تتشكل، تستمد قوتها من قربها من مراكز القرار وقدرتها على الترويج للخطاب الرسمي.”
مستقبل غامض
يختم خبير في الشأن السوري: “التاريخ لا يعيد نفسه بشكل حرفي، لكن أنماط السلطة تتكرر عندما تتوفر لها الظروف المناسبة. السؤال المهم: هل سيتمكن المجتمع هذه المرة من كسر الحلقة المفرغة؟”
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم معلقاً: هل سيتمكن السوريون من تجنب تكرار أخطاء الماضي، أم أنهم محكومون بدورة تاريخية تعيد إنتاج نفس المآسي بوجوه جديدة؟
رؤية مستقبلية
يختتم باحث في علم الاجتماع السياسي: “الخروج من هذه الدوامة يتطلب وعياً جماعياً وإرادة مجتمعية للتغيير.
المجتمعات التي تتجاهل دروس التاريخ محكوم عليها بتكرار نفس المآسي، لكن الأمل يبقى في جيل جديد يعي هذه الدروس ويرفض تكرارها.”
شارك الخبر على التواصل الاجتماعي :
إرسال التعليق