بين الحرب والفقر .. الأطفال مجهولو النسب أزمة إنسانية متفاقمة في سوريا

بين الحرب والفقر .. الأطفال مجهولو النسب أزمة إنسانية متفاقمة في سوريا

خلال سنوات الحرب الطويلة في سوريا، ظهرت ظاهرة مقلقة تتمثل في تزايد أعداد الأطفال مجهولي النسب في مختلف أنحاء البلاد. وفقًا لإحصاءات رسمية، ارتفعت حصيلة هؤلاء الأطفال إلى 103 حالة خلال العام 2023 مقارنة بـ19 حالة فقط خلال الربع الأول من العام الحالي.

وقد سجلت العاصمة دمشق أعلى نسبة من هذه الحالات، تلتها محافظة حلب، فيما استثنيت بعض المحافظات الأخرى كالقنيطرة وريف دمشق واللاذقية والسويداء من هذه الظاهرة.

ويرجع مسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية لـ”اندبندنت عربية”، أسباب هذه المشكلة إلى عوامل متعددة. فمن جهة، هناك الوضع الاجتماعي السيئ والتفكك الأسري وغياب الوعي. ومن جهة أخرى، يشكل الفقر المدقع محورًا رئيسيًا في هذا الملف. وتضاف إلى ذلك ظاهرة الزيجات المختلطة بين الداخل والخارج وتملص الأزواج من مسؤولياتهم.

وفي محاولة للتصدي لهذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة، أصدرت الحكومة السورية في مطلع عام 2023 مرسومًا تشريعيًا بإنشاء “بيوت لحن الحياة” في ريف دمشق لتكون الجهة المعنية برعاية هؤلاء الأطفال ومنحهم حقوقهم المدنية والاعتبارية.

ويقول مصدر مطلع على عمل هذه البيوت إنها باتت اليوم البديل الأمثل للمياتم السابقة، حيث تتولى تسجيل هؤلاء الأطفال في السجلات المدنية وإصدار وثائق رسمية لهم تُثبت وجودهم كمواطنين. كما يكفل هذا المشروع رعاية الطفل وتأمين انخراطه في الحياة الطبيعية حتى بلوغه سن الـ18 عامًا.

ومع ذلك، لم تكن عملية إصدار هذا التشريع سهلة، بل شهدت صراعًا برلمانيًا محتدمًا بين فريقين. فبينما رأى أحدهما ضرورة إنسانية ملحة لا تحتمل الانتظار، اعتبر الفريق الآخر أن ذلك قد يكون تشريعًا لتوثيق أطفال يتحدرون من مقاتلين معارضين للسلطة.

وفي النهاية، خسر الفريق المعارض لصالح الفريق الذي اعتبر قضية مجهولي النسب قضية إنسانية بحتة تستحق الاهتمام والرعاية. وهو ما يؤكد أن هذه المشكلة تتخطى الاعتبارات السياسية لتصبح أزمة إنسانية بامتياز.

وكالة صدى الواقع السوري-فدنك Vedeng